الهدف
الـخامس: مواصلة الإصلاح
التربوي.
إن الـجزائر،
وعيا منها بأن تثمين رأس الـمال البشري هو بالذات أساس التقدم السياسي و الاقتصادي
والاجتماعي، بذلت منذ استقلالها، استثمارات معتبرة من أجل تعميـم التـمكن من
التعليـم و التكوين.
و ها هي اليوم
تسعى جاهدة لتـحقيق تـحول نوعي لـمنظومتها التعليـمية بغية الاستجابة لـمتطلبات
إعداد أبنائها و تـحضيرهم لـمـمارسة الأنشطة الـمواطنية و تثمين قدراتهم الإبداعية
ضمن سياق اقتصاد يقوم أكثر فأكثر على العلـم و الـمعرفة.
و يرمي هذا
الإصلاح، في الـمقام الأول، إلى توفير الشروط الـمادية و البيداغوجية الأكثر ملاءمة
للتكفل بتعداد مدرسي يتـجاوز 8 ملايين تلـميذ ( أي 25 % من الساكنة ) و يـعد ما
يقارب مليون طالب. و هو السياق الذي تـم فيه الترخيص القانوني لإسهام الـمدرسة
الـخاصة والـجامعات الأجنبية في الـجزائر خلال السنة الـماضية.
كما يشمل
إصلاح الـمنظومة التربوية الوطنية فتـح هذه الأخيرة على العلـم و الثقافة
العالـميين و على اللغات الأجنبية و على التعاون الدولي، ويشمل، في الوقت ذاته،
ترقية العناصر الـمؤسسة للهوية الوطنية ضمن منظور يندرج في إطار الـحداثة و
التنـمية.
الهدف
السادس: تعميق الإصلاحات الاقتصادية و الـمالية.
لقد سمحت
السياسة الاقتصادية و الـمالية الـجريئة التي انتهجتها الـجزائر خلال السنوات
الأخيرة بشكل متواصل، بإدخال الصرامة و الانسجام على اختيارات تـخصيص الـموارد
العمومية و إدارتها.
كما سمحت
بتطوير أدوات تـحفيز الـمبادرة الـخاصة ومرافقتها، بـما فيها مبادرة الشباب ضمن
منظور التشجيع على بروز طبقة جديدة من الـمقاولين.
إن مواصلة
الإصلاحات ستتركز، من الآن فصاعدا على عصرنة القطاع الـمالي و الـمصرفي، حتى يضطلع
بدوره كاملا في تـمويل الاقتصاد، و على العقلنة الـمتنامية لتسيير الـمال العام و
سياسة نشــطة لإدارة الـمديونية وتطوير القطاع الـخاص و تكثيف مسار فتـح مؤسسات
القطاع العام على الشراكة و الـخوصصة.
و يتـمثل أحد
الأهداف الـمركزية لاستراتيجية الإصلاحات في تنويع قاعدة الإنتاج الصناعي و الزراعي
والـخدماتي، بغية التقليص تدريجيا من التبعية إزاء الـمحروقات، التي لا تزال مفرطة.
إكراهات
يجب التغلب عليها و محاور من أجل شراكة مكيفة.
الإكراهات،
إن نـجاح مسار
شامل للإصلاحات مثل الـمسار الذي باشرته الـجزائر، مرهون برفع الإكراهات الـمتعددة،
الذاتية منها مثل ضعف القدرات، والـخارجية منها مثل الإفراط في تقييـم الـخطر
الـمتوجس منه في الـجزائر.
و هناك قيد
آخر، متـميز و ليس بالهين، يتصل بالـمخلفات الـمعتبرة التي خلفتها عشرية من الإرهاب
والتي ما زالت تؤثر في الـمتغيرات الـميزانية وفي الـموارد البشرية لـمسارنا من أجل
النـمو و التنـمية.
إن الكوارث
الطبيعية، لـما تـجانب الـجزائر خلال السنوات الأخيرة. فإضافة إلى سنوات طويلة من
الـجفاف، عرفت بلادي فيضانات جارفة وزلازل خلفت ضحايا بشرية وخسائر مادية فادحة،
مثل زلزال 21 مايو 2003. يضاف إلى هذه الكوارث، اجتياح واسع للـجراد، الذي تواجهه
الـجزائر حاليا.
كما ينبغي
مراعاة الصعوبات اللصيقة بالقيام بأي كل مسار تـحول واسع الـمدى.
إن هذه
الإكراهات ينبغي تقييـمها و تناولها على ضوء التـحديات التي تطرحها استـحقاقات
الشروع في تطبيق اتفاق الشراكة مع الإتـحاد الأوروبي والانضمام إلى منظمة التـجارة
العالـمية، غير البعيدة الـموعد.
و على سبيل
الـمثال، ينبغي أخذ مجهود التنـمية الـجاري في الـجزائر ومخلفات الأزمة الـخطيرة
التي مرت بها بعين الاعتبار عند ترشحها للـحصول على الـمساعدة الـخارجية على
التنـمية، التي يكون من الـمجحف أن تـحدد فحسب على أساس دخلها الوطني الذي ما زال
هشا.
و على سبيل
الـمثال كذلك، فإن الانفتاح الواسع لاقتصادها على الـخارج يعرض الـجزائر إلى مخاطر
حقيقية تتـمثل في تهريب رؤوس الأموال عن طريق الـمصارف الـخاصة أو عن طريق التهريب
الـجمركي، مـما يتطلب تعاونا دوليا أنـجع لدحر هذه الآفات، لا سيـما و أن الآليات
الدولية الـملائمة موجودة و لا تنتظر إلا تفعيلها تفعيلا أكثر نـجاعة.
كما أنه ينبغي
للـمجتـمع الدولي أن يصحح إجحافه في تقييـم الـخطر الـجزائري خصوصا و أن الـمصاعب
التي عاشتها بلادنا و تـم تـجاوزها، كانت في الواقع ناتـجة عن مكافحة الإرهاب التي
تـحملتها الـجزائر عن نفسها و عن غيرها، و التي تعد الآن فيها شريكا دوليا صادقا و
فعالا.
الشراكة من
أجل تعزيز قدرات التصور و التطبيق و الـمتابعة،
إنه لا مناص
من هذه الشراكة لـمضاعفة فعالية دور الإدارة و العدالة والتربية و القطاع الـخاص و
الـمجتـمع الـمدني.
بهذا سيتـم
إنعاش الهياكل الـحكومية لتوضع فعلا في خدمة أهداف دفع عجلة الاستثمار و الـمـمارسة
الفعلية لـمهام الضبط الاقتصادي و التـحسين النوعي لـخدمة الـمرافق العمومية.
أما العدالة،
فينبغي أن تكون محل مجهود خاص على صعيد تكوين وتـحسين مستوى القضاة بـما في ذلك في
مجال قانون الأعمال، بغية تعزيز دولة الـحق و القانون والأمن القانوني و القضائي في
مـجال الاستثمارات.
الشراكة في
الـميدان التربوي ينبغي أن ترتكز على الـمحاور التالية،
- الارتقاء بنوعية التعليـم العالي و التقني و الـمهني،
- دعم مراكز الامتياز و برامج البحث الـمشتركة،
- الدعم لإعداد الكتاب الـمدرسي و طبعه،
- الدعــم لاستعــمال تكـــنولوجيات الإعلام الـجديدة في
التعليـم.
الشراكة من
أجل تطوير قدرات القطاع الـخاص،
لقد رسمت
الدولة الـجزائرية لنفسها هدف تسهيل إنشاء 100.000 مؤسسة خاصة على امتداد الـخمس
سنوات القادمة. إن هذا الـمجهود وكذا تـحسين مستوى تسيير الـمؤسسات القائمة و إدماج
القطاع غير الـمصرح به تتطلب كلها دعما في مجال التكوين و الـخبرة من أجل تـحكم
أفضل في الطور الإعدادي للـمشاريع و في إنشاء الـمؤسسات و تنظيـمها و تسييرها.
و تعزيز
الـمجتـمع الـمدني يتطلب كذلك دعما لقدراته التنظيـمية و التقنية و لوسائل عمله، من
أجل رفع إسهامه في الـمسار التنـموي إلى أقصى حد.
تطوير الشراكة
من أجل ترقية الاستثمار و إدماج الاقتصاد الـجزائري ضمن الاقتصاد العالـمي،
إن الإفراط في
تقييـم الـخطر الـجزائري لا يـمكن تبريره بالعوامل السياسية و لا بالـحجة الأمنية و
لا بالـمعطيات الاقتصادية و الـمالية.
فالـجزائر
التي استعادت الأمــــن و الاستقرار و الصدقية والنـمو الاقتصادي، و قدرة الصرف
العادية، توفر اليوم على كافة مواصفات الـمحيط الـجلي الآمـن والـجذاب لترقية
الاستثمارات الأجنبية الـمباشرة. علاوة على ذلك، فهي تتوفر على مزايا أخرى تضمن
تكاليف صفقات تنافسية سواء أتعلق الأمر بنوعيـــة الـمنشآت الأساسية أم بوفرة اليد
العاملة الـمؤهلة و غير الـمكلفة، أو بوفرة الطاقة و غيرها من الـمنافع بكلفة
زهيدة، و جباية تـحفيـــزية، و سوق مطردة التوسع.
إن الإفراط و
الغلو في تـحديد الـخطر تشكل من ثمة، عائقا يعاقب بغير وجه حق الاقتصاد الـجزائري و
الـمقاولين الراغبين في الاستثمار فيه.
إننا ننتظر من
شركائنا في مجموعة الثمانية أن يقدموا مساهمتهم من أجل نظرة صحيحة للواقع السياسي
والاقتصادي في الـجزائر و لـما توفره من فرص هائلة للاستثمار.
إن العمل
الأولوي في الشراكة ينبغي أن يتـمحور على إعادة هيكلة وتأهيل الـجهاز الإنتاجي
لـمباشرة الاندماج في أحسن الظروف، ضمن الاقتصاد العالـمي، الاندماج الآيل إلى
وتيرة أسرع مع تنفيذ اتفاق الشراكة مع الإتـحاد الأوروبي وانضمام الـجزائر إلى
منظمة التـجارة العالـمية.
إن الإصلاحات الـمتعددة الأبعاد الـجارية، إلى جانب إسهامها في بناء
مستقبل بلادنـــا، تعود بالنفع على تطور فضاءات انتماء الـجزائر الـجيوسياسي.
و ذلك يعني أن الرهانات تتعدى حدودنا الوطنية و يقتضي من جانب شركائنا التزاما
متواصلا و تعاونا متـجددا